شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

1.9 - الحركة الصوفية في الإسلام

يختلف المفكرون كثيرا حول مفهوم التصوف، فمنهم من يصرّ على أنه شيء دخيل على الإسلام جاء إليه من الديانات الشرقية حينما بدأ الإسلام بالانتشار خارج الجزيرة العربية، ومنهم من يؤكد على أنه شيء من صميم الإسلام وقد بدأ منذ طلوع فجر الإسلام الأول. والحقيقة في ذلك أن الاصطلاح جديد ولكن المفهوم أصيل بأصالة الإسلام ذاته، فالصحابة والتابعون كانوا صوفيين بالفعل وإن لم يكونوا يسمون كذلك، فالتصوف ما هو إلا الزهد والعبادة وترك الدنيا والإقبال على الله تعالى. غير أن الشكل الهيكلي للتصوف بدأ يتبلور منذ بداية القرن الثاني الهجري مثله مثل بقية العلوم الإسلامية كالفقه وعلوم التفسير والحديث كلها لم تكن معروفة منذ بداية الإسلام.

واختلف الناس كثيرا عن أصل كلمة تصوف ومدلولها فمنهم من قال إن أصلها من لبس الصوف أو من أهل الصفّة، ومنهم من قال إنها من الصفاء أو من الاصطفاء وكذلك من الصفّ الأول، إلى ما هنالك.[43]والحقيقة أن الشيخ محي الدين ابن العربي، رغم أنه كثيرا ما يطلق لفظة الصوفيّة على عموم أهل الله، إلا أنه يعدّهم عند التحقيق صنفا معيّنا من رجال الله تعالى حيث يقسّم الشيخ رضي الله عنه رجال الله إلى ثلاثة أصناف: العبّاد والصوفيّة والملاميّة؛ فالعبّاد هم "رجال غلب عليهم الزهد والتبتّل والأفعال الطاهرة المحمودة كلها وطهّروا أيضاً بواطنهم من كل صفة مذمومة قد ذمّها الشارع (محمد صلّى الله عليه وسلّم)، غير أنهم لا يرون شيئاً فوق ما هم عليه من هذه الأعمال ولا معرفة لهم بالأحوال ولا المقامات ولا العلوم الوهبية اللدنّية ولا الأسرار ولا الكشوف ولا شيئاً مما يجده غيرهم."[44] وأما الصوفية، وهم أعلى من العبّاد، فهم "مثل العبّاد في الجدّ والاجتهاد والورع والزهد والتوكل وغير ذلك، غير أنهم مع ذلك يرون أن ثمّ شيئاً فوق ما هم عليه من الأحوال والمقامات والعلوم والأسرار والكشوف والكرامات، فتتعلق هممهم بنيلها فإذا نالوا شيئاً من ذلك ظهروا به في العامة من الكرامات، لأنهم لا يرون غير الله وهم أهل خُلق وفتوّة ... وهم بالنظر إلى الطبقة الثالثة أهل رعونة وأصحاب نفوس وتلامذتهم مثلهم أصحاب دعاوي يشمّرون على كل أحد من خلق الله ويظهرون الرياسة على رجال الله".[45]وأما الصنف الثالث وهم الأعلى بين مراتب الرجال، فهم الملاميّة وسوف نأتي على ذكرهم كثيرا خلال هذا الكتاب، ولكننا نقول هنا أنهم رجال لا يزيدون على الصلوات الخمس إلا الرواتب، لا يتميزون عن المؤمنين المؤدّين فرائض الله بحالة زائدة يُعرفون بها، يمشون في الأسواق ويتكلمون مع الناس فلا يُعرفون لاحتجاب أحوالهم عن عامة الناس، وهم أرفع الرجال وتلامذتهم أكبر الرجال. فالعبّاد متميّزون عند العامّة بتقشّفهم وابتعادهم عن الناس وأحوالهم وتجنّب معاشرتهم بالجسم، والصوفية متميّزون عند العامة بالدعاوي وخرق العوائد من الكلام على الخواطر وإجابة الدعاء والأكل من الكون وكلّ خرق عادة ... وهذا الحال الذي هم فيه قليل السلامة من المكر والاستدراج، والملاميّة لا يتميّزون عن أحد من خلق الله بشيء فهم المجهولون حالهم حال العوام.[46]

1.9.1- معنى التصوف عند الشيخ محي الدين

1.9.2- بعض الصوفية الأوائل

1.9.3- بعض الصوفية المشهورين

1.9.4- انحراف بعض الصوفية

1.9.5- العلاقة بين التصوف والأديان السابقة

1.9.6- الحركة الصوفية في المغرب والأندلس

1.9.7- الشيخ محي الدين والمذاهب الصوفية والفكرية الأخرى