شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

1.9.3 - بعض الصوفية المشهورين

وقبل المضي في الحديث عن حركة التصوف في المغرب والأندلس في مرحلة ما قبل ابن العربي لا بد من التأكيد على وجود تشابه وتوافق طبيعي بين الأديان والفلسفات المختلفة نظرا لأنها تنبع كلها من معين واحد سواء كان سماويا عن طريق الرسل والأنبياء أو كان فلسفيا عن طريق المفكرين، فالكل يبحثون عن الحقيقة وكل واحد وصفها من منظاره، فلا يجوز بعد ذلك إن وجدنا فكرة أو معرفة مشابهة لمعتقد قديم ديني أو فلسفي أن نقول أن ذلك خارج على الإسلام، فالرسول صلّى الله عليه وسلّم بُعث ليتمم مكارم الأخلاق لا ليأتي بأخلاق مختلفة جذريا، والأخلاق هنا أمر عام ينطبق على المعرفة والأدب والعلم والفلسفة والعقيدة. وإن وجود التشابه بين عقيدة قديمة وعقيدة إسلامية لا يعني تناقضا أبدا، وكذلك لا يعني أن المسلمين أو الصوفية قد أخذوا هذه المعرفة المشتركة من الأديان أو العقائد السابقة، بل هي من الإسلام الذي يحوي فيما يحويه كل هذه العقائد السابقة الصحيحة، قبل أن يتم تحريفها بقصد أو بسبب طول الأمد. والشيخ محي الدين قد أصّل هذه الحقيقة من خلال مفهومه عن الوراثة النبوية، فبعض الأولياء تكون وراثتهم عيسوية، وبعضهم موسوية وبعضهم محمدية أو غير ذلك من الأنبياء، ولكن الكل في النهاية ينهلون من نبع الشريعة الإسلامية، كما سنرى ذلك في الفصل القادم.

وبالتالي فإننا لا يجوز أن ننساق وراء أفكار بعض المستشرقين الذين قالوا، وتبعهم في ذلك العديد من الباحثين المسلمين، أن التصوّف (ونقصد التصوّف الصافي) استمدّ من منابع الديانات السابقة كالزرادشتية الفارسية والمذاهب الهندية والنصرانية والفلسفات القديمة مثل الأفلاطونية الحديثة، ثم اختلطت هذه العناصر كلها ببعض فكانت نزعات مختلفة، وطرق مختلفة على مدى العصور، كما قال أحمد أمين في "ظُهر الإسلام".[47]