شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

1.9.6 - الحركة الصوفية في المغرب والأندلس

ثم نعود إلى تلخيص تاريخ الحركة الصوفية وخاصة في المغرب والأندلس فنقول أنه لا شكّ أن التصوّف في الأندلس بدأ منذ أن طلع الفجر الأول للإسلام هناك، في نهاية القرن الأول الهجري، ولكن مثله مثل التصوف في المشرق لم يتّخذ معالم واضحة في بدايته، بل كان نهجا إسلاميا طبيعيا سلكه بعض الزهّاد والعبّاد.

منذ نهاية القرن الثالث الهجري، بداية القرن التاسع الميلادي، نجد العديد من الصوفية قد برزوا في المغرب والأندلس فظهرت مناهج زهدية متفرقة فكان أبو محمد بن عبد الله التاهرتي (توفي 313/905) زاهدا تبنى فكرة المحبة والإشراق، وفي قرطبة كان أحمد بن مخلوف المسيلي المعروف بالخياط (توفي 393/1003) الذي لزم المنهج العملي القائم على المرابطة، وعبد الله بن زياد الله الطبني (توفي 410/1011) في قرطبة أيضاً.[49]وقام أبو القاسم عبد الرحمن الهمذاني المعروف بالخراز والوهراني (توفي 411/1018) برحلات علمية استغرقت عشرين سنة وشملت بيئات الزهد والتصوف كالبصرة وبغداد والحجاز ومصر وخرسان ونيسابور ثم الأندلس، فخلص من خلالها إلى طريقة تجمع بين الالتزام بالسنة النبوية والزهد والانقباض والعلم.[50]

وفي المغرب العربي برز بكر بن حماد بن سمك بن إسماعيل الزناتي التاهرتي (توفي 295/909) الذي تأثر بصوفية الشرق من خلال رحلاته.[51]وفي القيروان برز الزاهد الفقيه سحنون بن حبيب التنوخي (توفي 240/845) الذي تميز منهجه بالزهد في الدنيا والتعبد وفق الشريعة الإسلامية.[52] وكذلك استفاد احمد بن واضح من رحلاته إلى المشرق في القرن الخامس ثم عاد إلى بجاية فكان بينه وبينه فقهائها الكثير من المناظرات.[53] وفي القرن الرابع قام أبو عبد الملك مروان بن محمد الأندلسي (توفي 440/1048) بتأسيس رباط درس فيه العلم وصنف فيه العديد من المصنفات.[54]

أما بالنسبة للمراجع والكتب الصوفية التي كان يعتمد عليها الأندلسيون والمغربيون فهي الكتب الشهيرة التي ألفها أبو حامد الغزالي (توفي 505/1111) مثل "إحياء علوم الدين"، وكتاب "الرعاية لحقوق الله" للحارث بن أسد المحاسبي (توفي 243/858)، و"قوت القلوب" لأبى طالب المكي، و"الرسالة القشيرية" لأبي القاسم القشيري (توفي 465/1072). وكانت هذه الكتب متداولة في المغرب والأندلس وتدرس في الحلقات بتلمسان وبجاية وقلعة بني حماد، فكان الصوفي عبد السلام التونسي (توفي 486/1093) يدرّس برابطته بتلمسان كتاب "الرعاية" للمحاسبي، وفي قلعة بن حماد كان الصوفي أبو الفضل ابن النحوي (توفي 513/1119) يدرّس الإحياء للغزالي ويختمه خلال شهر رمضان.[55] وكذلك كان الشيخ أبو مدين ببجاية (توفي 594/1189)، وهو أحد شيوخ الشيخ محي الدين كما سنرى، يعتمد على كتاب إحياء علوم الدين والرسالة القشيرية لتدريس طلابه وأطلعهم أيضاً على كتاب الرعاية للمحاسبي.[56]