2.2 - انتقالهم إلى إشبيلية وبداية شبابه وتلقيه العلم – 568/1172
عندما بلغ محمد الثامنة من عمره ضاقت به مرسية كما لن تسعه الأندلس بعد حين، فانتقل مع عائلته في عام 568/1172 إلى إشبيلية في جنوب غرب البلاد، وهي مدينة لا تختلف كثيرا عن مسقط رأسه، فهي أيضاً كثيرة البساتين والمنتزهات ذات طبيعةٍ خلاّبةٍ وجوٍّ جميل، ولكنها كانت مدينة كبيرة متعددة الأعراق والأديان يتنافس فيها الفلاسفة والعلماء والمفكرون، كما أنها كانت لا تخلو من النشاطات الفنية والعمرانية المتعددة.
لقد حصل هذا التحوّل بعد موت ابن مردنيش كما رأينا في الفصل الأول حيث انتهت المقاومة ضد دولة الموحدين في شرقي الأندلس وسيطر السلطان أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن على مرسية وبلنسية وذهب أبناءُ ابن مردنيش إلى إشبيلية لإعلان ولائهم كما أوصاهم أبوهم وأخذوا معهم بعض القادة والأمراء، ولا بدّ أن أبا محمد علي العربي كان معهم حيث انتقلوا إلى عاصمة دولة الموحدين إشبيلية. وهناك بقي أبو محمد مقربا من الأمير وكان يشغل أيضاً منصبا في بلاطه.