شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

5.4.5.2 - جلال الدين الرومي، بحر يتبعه محيط

يُروى أن الشيخ محي الدين قد التقى مرّة ببهاء الدين الرومي والد الصوفي الشاعر الشهير جلال الدين الرومي، وكان جلال الدين لا يزال بعدُ صبياً وكان يرافق والده في أسفاره بين بلاد فارس والشام والروم. فيقال إن الشيخ محي الدين التقى بهما مرة فشاهد الصبيَّ جلال الدين الرومي، وكان عمره سبع سنوات، يتبع والده؛ فتعجّب وقال: سبحان الله محيطٌ يمشي خلف بحيرة!

وقد وُلد جلال الدين الرومي بفارس سنة 604/1207 لأسرة قيل أن نسبها ينتهي إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأمه كانت ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد، من العائلة الحاكمة في خوارزم. ثم انتقل مع أبيه بهاء الدين إلى بغداد سنة 607/1210 حيث نزل أبوه في المدرسة المستنصرية، ثم قام برحلة واسعة زار خلالها دمشق ومكة وملطية وأرزبخان ولارند، ثم استقر آخر الأمر في قونية سنة 622/1226 حيث وجد الحماية والرعاية في كنف الأمير السلجوقي علاء الدين كيقباذ الذي خلَف عزّ الدين كيكاؤس. في قونية اختير بهاء الدين للتدريس في بعض المدارس حتى توفي سنة 628/1231، فخلفه ابنه جلال الدين. ولكن جلال الدين انقطع إلى التصوف بعد لقائه بالصوفي المعروف شمس الدين تبريزي فترك التدريس وبدء بنظمِ الأشعار وإنشادها، وأنشأ طريقة صوفية عُرفت باسم "المولوية" نسبة إلى "مولانا جلال الدين".

ترك جلال الدين آثاراً عظيمةً في هذا المجال منها "المثنوي"، وديوان "شمس تبريز"، و"المجالس السبعة"، بالإضافة إلى مجموعة رسائل عديدة، وتعتبر كتبه محاولة إبداعية لتفسير القرآن الكريم وإبراز معانيه بشكل شعري، وكان لها أثر كبير على العالم الغربي.

توفي جلال الدين الرومي سنة 672/1273 عن عمر بلغ نحو سبعين عاماً، ودُفن في ضريحه المعروف في "قونية" في تلك التكية التي أنشأها لتكون بيتاً للصوفية.[779]

وقد تقاطعت حياة جلال الدين الرومي مع حياة الشيخ محي الدين ابن العربي في أكثر من مكان، ولا نعرف بالتحديد متى حدث اللقاء بينهما، إن كان حدث. ولكن من المحتمل أن يكون مثل هذا اللقاء حدث في ملطية أو في قونية في حدود سنة 612 حيث كان عمر جلال الدين ثماني سنوات. كما لا يُستبعد لقاؤهما لاحقا في حلب أو دمشق، حيث كان جلال الدين يتلقى تعليمه هناك.