شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

5.1.8.2 - رسالة الأنوار (قونية 602/1205)

وفي قونية استمر الشيخ محي الدين بالكتابة فأنتج عدداً من الكتب منها رسالة الأنوار وكذلك كتاب "الأمر المحكم المربوط" وكتاب "العظمة".

وتُعتبر رسالة الأنوار من أهم الكتب التي ألّفها الشيخ محي الدين في قونية وقد ذكر فيها الشيخ رضي الله عنه كيفيّة الدخول بالخلوة الصحيحة ومن ثَمّ ما هي الأنوار التي يمكن أن تتجلى للمريد في خلوته وكيف يحتاط لنفسه من الهلاك إذا لم تكن خلوته كاملة وكان لا يزال في قلبه تعلّق في الدنيا وأهلها؛ فيقول الشيخ رضي الله عنه أنه ليس المراد من الخلوة الابتعاد عن الناس وإنما الابتعاد عن التعلّق بهم، فإذا أغلق المريد باب بيته عن الناس وباب قلبه عن الدنيا واشتغل بذكر الله تعالى تنفتح في قلبه عيون الكشف وتبدأ أنوار التجليات تتوالى على قلبه ويطّلع على أسرار العالم السفلي والعلوي. ولكن الشيخ محي الدين يقول إن جُلّ ذلك إنما يكون ابتلاءً من الله تعالى، فلا يجوز الوقوف مع هذه الأنوار، فأول ما يُكشف للمريد أسرار الأحجار المعدنية وغيرها، فإن لم يقف معها يُكشف له عن عالم سريان الحياة السببية في الأحياء، فإن لم يقف معها يُرفع له عن اللوائح اللوحية، فإن لم يقف معها يُرفع له عن نور الطوالع... ثم عن مراتب العلوم ثم عن عالم الجمال ثم عن مراتب القطبية ثم عن عالم الغضب ثم عن عالم الحيرة ...، وهكذا.

ويضيف الشيخ محي الدين رضي الله عنه أنه إذا لم يكن للمريد تعلّقٌ في همّته إلا في الجنة خاصّة انكشفت له هذه الأنوار ولم يقف معها ولم تصبه منها أيّة آفة، أما إذا تعلّقت همّته بشيءٍ ما فإنه كالمريض تسقط قواه كلُّها ولم ينكشف له شيء.[682]