شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.2 - الشيخ أبو مدين، القطب الغوث

يعدّ الشيخ أبو مدين، الذي كان يُدعى في العالم العلوي بأبي النجا،[308]من الرجال الذين تأثر بهم الشيخ الأكبر كثيرا لكثرة ما ينقله عنه من أخبار وأقوال ويدعوه بكلمة "شيخنا". من أجل ذلك سنذكر هنا بعض صفاته مما يذكره عنه الشيخ الأكبر رضي الله عنهما، مع أنه لم يلتقيه أبدا في الواقع، وإنما التقاه في عالم الروح والمثال.

رغم أن بعض الدارسين لابن العربي وتاريخه، مثل أسين بلاثيوس،[309]يتحدثون عن احتمال لقاء الشيخ محي الدين مع شيخه أبي مدين الذي يعتقد أكثر المؤرخين خطأً أنه قد توفي سنة 594/1198 (في تلمسان) في حين أن ابن العربي كان في تلمسان سنة 590 وفي بجاية سنة 597، فيقول بلاثيوث أنه ربما زاره في سنة 590 أثناء زيارته الأولى لتونس. ولكن الشيخ أبا مدين قد توفي سنة 589 قبيل مغادرة ابن العربي للأندلس كما سنذكر بعد قليل، يضاف إلى ذلك أن الشيخ محي الدين قد ذكر صراحة في "روح القدس" أن الشيخ أبا مدين قد أخبره عن طريق أحد أصحابه بأن الله لم يقدّر لقاء الأجساد بينهما ولكنهما التقيا كثيرا في عالم الروح والمثال. وكان ذلك يحدث ربما بمجيء أبي مدين إلى عند ابن العربي ليعلّمه ويربيه بما يتفق ويلزم، فقد ذكر ابن العربي أن أبا مدين كان يأتي، من غير سفر حقيقي، إلى الشيخ أبي الحجاج يوسف الشبربيلي الذي يسكن في قرية قريبة من إشبيلية:

دخلت عليه مع شيخنا أبي محمد رضي الله عنهما فقلت يا سيدنا هذا من أصحاب أبي مدين فتبسم الشيخ وقال: عجب أمس كان عندنا أبو مدين رضي الله عنه، نِعم الشيخ. وأبو مدين إذ ذاك ببجاية وبينه وبينهما مسيرة خمسة وأربعين يوما، فكان كشفا بينهما. وكانت هذه الحالة كثيرا تتفق لي مع أبي يعقوب فإن أبا مدين كان قد سكن عن الحركة وأحفظ من أخباره ما شاهدته كثيرا تضيق هذه العجالة عنه. وهكذا كل من أذكره وإنما أذكره ليعلم أن الزمان لا يخلو من الرجال.[310]

أو كذلك ربما كان الشيخ أبو مدين يرسل له بعض رجاله فيفاوضهم في أمور كثيرة، كما ذكر الشيخ محي الدين في "روح القدس" أيضاً:

ومنهم رضي الله عنهم موسى أبو عمران السيدراني. كان من الأبدال وكان مجهولا له عجائب وغرائب. كان سبب اجتماعي به أني قعدت بعد صلاة المغرب بمنزلي بإشبيلية في حياة الشيخ أبي مدين وتمنيت أن لو اجتمعت به، والشيخ في ذلك الزمن ببجاية مسيرة خمسة وأربعين يوما. فلما صليت المغرب تنفّلت ركعتين خفيفتين فلما سلّمت دخل علي هذا -أبو عمران- فسلّم فأجلسته إلى جانبي وقلت: من أين؟ فقال: من عند الشيخ أبي مدين من بجاية. قلت: متى عهدك به؟ قال: صليت معه هذا المغرب فردّ وجهه إلي وقال إن محمد ابن العربي بإشبيلية خطر له كذا وكذا فسِر إليه الساعة وأخبره عني بكذا وكذا وذكر لي من رغبتي في لقاء الشيخ وقال لي يقول لك: "أما الاجتماع بالأرواح فقد صح بيني وبينك وثبت، وأما الاجتماع بالأجسام في هذه الدار فقد أبى الله ذلك فسكّن خاطرك والموعد بيني وبينك عند الله في مستقر رحمته"، وذكر كلاما خلاف هذا ورجع إليه.[311]

لا بد أن ذلك حدث سنة 586 حيث ذكر الشيخ محي الدين في الفتوحات المكية في الباب الثالث والسبعين حينما كان يتحدث عن الأبدال فقال: وكنا قد رأينا منهم موسى السيدراني بإشبيلية سنة ست وثمانين وخمسمائة وصل إلينا بالقصد واجتمع بنا.[312]

و كان موسى السيدراني، كما يقول عنه الشيخ محي الدين، من أهل السعة في الدنيا فخرج عن ملكه ففتح الله عليه في ثمانية عشر يوما، والتحق بالأبدال فكان يتبوأ من الأرض حيث يشاء. ويذكر الشيخ محي الدين كيف التقى موسى بالشيخ أبي مدين (واسمه شعيب) وذلك أنه وُشي به مرّة إلى السلطان فأمر بتقييده فقُيّد بالحديد وسير به إليه فلما قرب من فاس ألقي في بعض المنازل في بيت وأُقفل عليه وبات عليه الحرس، فلما كان الصبح فُتح الباب فوجدوا الحديد الذي كان عليه مطروحا وما وجدوا أحداً، فدخل فاس وقصد دار أبي مدين، فقرع عليه الباب فخرج الشيخ بنفسه وقال له: من أنت؟ قال: أنا موسى، فقال له الشيخ: وأنا شعيب أدخل ((... لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [25])) [القصص].

3.2.1- من هو أبو مدين الغوث؟

3.2.2- حب الشيخ الأكبر له

3.2.3- الخصام يكون بين الشياطين

3.2.4- مقام الشيخ أبي مدين ومرتبته

3.2.5- بعض كرامات أبي مدين

3.2.6- حرف الباء ونظرية كل شيء

3.2.7- علم النقل والكشف

3.2.8- خلاف بسيط

3.2.9- علم المناسبات

3.2.10- التفسير الباطني

3.2.11- الريّ ومبدأ الخلق الجديد

3.2.12- الشيخ أبو يعزى والورث الموسوي

3.2.13- بعض أقوال أبي مدين

3.2.14- وفاة الشيخ أبو مدين