شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

0.3.4 - عقيدته ومذهبه

لا نريد هنا أن نستبق الأمور ونعجل في سرد النصوص، ولكن موضوع عقيدة الشيخ الأكبر أمرٌ مهمٌّ يجب توضيحه منذ البداية لأنه كثيراً ما يكون مجال جدالٍ بين بعض الفئات من المسلمين الذين لا يتقبّلون كلامه وينتقدونه وكثيراً ما يكفّرونه ويرمونه زوراً بالزندقة بسبب ذلك. وسوف نخصص جزءاً كبيراً من الفصل السابع والأخير من هذا الكتاب لمناقشة بعض هذه الآراء إن شاء الله تعالى، ولكن لا بأس هنا من ذكر العقيدة العامة للشيخ الأكبر رضي الله عنه كما ذكرها هو نفسه وأشهدَ الناس عليها.

لقد صرّح الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي عن عقيدته في بداية كتاب الفتوحات المكية وهي أيضاً رسالة ”عقيدة أهل الإسلام”، حتى لا يرميه الجهّال بالإلحاد أو الكفر حين لن يفهموا أكثر ما يسطره من العلوم النفيسة الرفيعة التي لا تنالها العقول الضعيفة والقلوب السقيمة، وكأنه قد تنبّأ بما سيحدث في هذا الشأن فخفّف من وطأته.

ولكن الشيخ الأكبر أيضاً قال إنَّ العقيدة عنده لها أربعة مراتب؛ أولاها هي عقيدة العوام من أهل الإسلام، أهل التقليد وأهل النظر، وهي التي سنذكرها أدناه، وهي العقيدة العامة التي يجب على كلّ المسلمين إتّباعها وخلاصتها أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكنه يضيف بعض التفصيل العام لتنزيه الله تعالى عما تصفه به بعض الفِرق مثل المجسّمة والمشبّهة وغيرهم.

والمرتبة الثانية من العقيدة يسميها الشيخ عقيدة الناشئة الشادية، وهي التي تتضمن مآخذ الأدلة في الفلسفة الإسلامية والتي يحتاج إليها من يناقش العلماء والفلاسفة، وقد ذكرها الشيخ محي الدين أيضاً في بداية الفتوحات المكية بلفظ مسجوع وعبارة موجزة، وسماها أيضاً ”رسالة المعلوم من عقائد أهل الرسوم”.

والمرتبة الثالثة في العقيدة هي عقيدة خواص أهل الله، من أهل طريق الله، من المحققين أهل الكشف والوجود، وقد ذكرها الشيخ الأكبر أيضاً في كتاب سماه ”المعرفة الأولى”، وكذلك يسمى كتاب "المسائل"، وقد ذكر بعضها في بداية الفتوحات المكية.

وأما المرتبة الرابعة فهي عقيدة الخلاصة الذين هم خلاصة خواص أهل الله تعالى، فما أفردها الشيخ الأكبر على التعيين ولم يصرّح بها، لما فيها من الغموض، ولكن جاء بها مبدّدة في أبواب الفتوحات المكية مستوفاةً مبيّنةً، لكنها كما يقول متفرقة؛ فمن رزقه الله الفهم فيها يعرف أمرها ويميزها من غيرها، فإنها، كما يقول الشيخ الأكبر، العلم الحق والقول الصدق، وليس وراءها مرمى، ويستوي فيها البصير والأعمى، تلحق الأباعد بالأداني، وتلحم الأسافل بالأعالي، فالأمر كلّه دوري، ونهاية الدائرة متصلة ببدايتها.

وتماشياً مع ذلك، فمع أنّنا عنونّا هذا الكتاب باسم (سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه)، فإننا لن نخصص أي جزء أو فقرات محددة لدراسة مذهب الشيخ محي الدين كما فعل أسين بلاثيوس مثلاً في كتابه الذي قسمه إلى قسمين الأول عرض فيه حياة الشيخ والثاني عرض فيه مذهبه. وقد آثرنا نثر بعض الجوانب المختلفة لمذهب الشيخ محي الدين على فقرات هذا الكتاب كلّما اعترضنا لذكر شيءٍ من ذلك من خلال دراسة سيرته وكذلك من خلال ذكر بعض تفاصيل سيرة الشيوخ الذين تعامل معهم الشيخ محي الدين أو ذكرهم، فهو كثيراً ما يستخدم هذا الأسلوب في تحديد معالم مذهبه على ألسنة العلماء والشيوخ الذين يعرفهم أو ممن هم معروفين في تاريخ الإسلام والصوفية تحديداً كأبي يزيد البسطامي وأبي حامد الغزالي وغيرهم.

وأما لمعرفة تفاصيل مذهب الشيخ محي الدين كاملة، فليس هناك بديل عن قراءة كتبه نفسها، ولا يمكن لأي باحث أن يحيط بذلك علماً، وقد نسيء له إذا ما ذكرنا طرفاً قليلاً من ذلك وأهملنا الباقي، إلا على سبيل الإشارة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه المراتب الأربعة من العقيدة ما هي مراتب متباينة ومتناقضة وإنما هي مراتب متوافقة ومتكاملة، ولكن لا يمكن أن نطلب من جميع الناس أن يكونوا فلاسفة متكلمين، كما لا نتوقع من جميع المتكلمين أن يكونوا محققين وذائقين، والذوق له مراتب ومشارب أعلاها وأصفاها مرتبة الأبرار المقربين الذين يشربون من الرحيق المختوم، ختامه مسك ومزاجه من تسنيم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

ونحن هنا سنذكر نصّ العقيدة العامة كما وردت في مقدمة كتاب الفتوحات المكية، رغم طولها، حيث أنها أصلٌ ينفي كلّ ادّعاءٍ ينتقصُ من منزلة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي. ولقد قسم الشيخ رضي الله عنه هذه الشهادة إلى قسمين الأول أن لا إله إلا الله والثاني أنّ محمداً رسول الله.

، فيقول الشيخ الأكبر بعد تقديم عن ضرورة الشهادة:

0.3.4.1- الشهادة الأولى

0.3.4.2- الشهادة الثانية