شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

0.3.4.2 - الشهادة الثانية

والجزء الثاني من هذه العقيدة هو شهادة أن محمدًا رسول الله. فيضيف ابن العربي:

وكما أشهدت الله وملائكته وجميع خلقه وإياكم على نفسي بتوحيده، فكذلك أشهده سبحانه وملائكته وجميع خلقه وإياكم على نفسي بالإيمان بمن اصطفاه واختاره واجتباه من وجوده؛ ذلك سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، الذي أرسله إلى جميع الناس كافة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فبلّغ صلّى الله عليه وسلّم ما أنزل من ربه إليه وأدّى أمانته، ونصح أمته، ووقف في حجة وداعه على كل من حضر من أتباعه، فخطب وذكّر، وخوّف وحذّر، وبشّر وأنذر، ووعد وأوعد، وأمطر وأرعد، وما خصّ بذلك التذكير أحدا من أحد، عن إذن الواحد الصمد، ثم قال: ألا هل بلغت؟ فقالوا: بلّغت يا رسول الله، فقال صلّى الله عليه وسلّم: اللهمّ اشهد،

وإني مؤمن بكل ما جاء به صلّى الله عليه وسلّم مما علمت وما لم أعلم،

فمما جاء به فقرّر أن الموت عن أجل مسمّى عند الله إذا جاء لا يؤخر، فأنا مؤمن بهذا إيمانا لا ريب فيه ولا شك، كما آمنت وأقررت أن سؤال فتّاني القبر حق، وعذاب القبر حق، وبعث الأجساد من القبور حق، والعرض على الله تعالى حق، والحوض حق، والميزان حق، وتطاير الصحف حق، والصراط حق، والجنة حق، والنار حق، وفريقا في الجنة وفريقا في النار حق، وكرب ذلك اليوم حق، على طائفة وطائفة أخرى لا يحزنهم الفزع الأكبر، وشفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين وإخراج أرحم الراحمين بعد الشفاعة من النار من شاء حق، وجماعة من أهل الكبائر المؤمنين يدخلون جهنم ثم يخرجون منها بالشفاعة والامتنان حق، والتأبيد للمؤمنين والموحدين في النعيم المقيم في الجنان حق، والتأبيد لأهل النار في النار حق، وكل ما جاءت به الكتب والرسل من عند الله عُلم أو جُهل حق.

ثم يتابع الشيخ الأكبر قائلاً: ”فهذه شهادتي على نفسي أمانة عند كل من وصلت إليه أن يؤديها إذا سئلها حيثما كان، نفعنا الله وإياكم بهذا الإيمان، وثبتنا عليه عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الحيوان، وأحلنا منها دار الكرامة والرضوان، وحال بيننا وبين دار سرابيلها من القطران، وجعلنا من العصابة التي أخذت الكتب بالأيمان، وممن انقلب من الحوض وهو ريّان، وثقل له الميزان، وثبتت له على الصراط القدمان، إنه المنعم المحسان، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق.”

فأي حجّة بعد هذا لمن يتّهم الشيخ الأكبر ويرميه بالكفر والزندقة وهو لم ينظر في كتبه ومقولاته ويتبيّن الحق من الباطل، فيقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6]﴾، ويقول أيضاً: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [الأحزاب: 58]﴾.