شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.4.3.3 - الحياة الطيبة

وكذلك كان الشيخ العريبي على درجة عالية من الذوق في معنى "الحياة الطيبة" من الآية الكريمة من سورة النحل: [b]((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ... [97]))[/b]وهو واحدٌ من قطبين التقاهُما الشيخ محي الدين في حياته كان لهما هذا المنزل، كما ذكر الشيخ في الباب السابع والثمانين وأربعمائة من الفتوحات المكية، وهما من الذين عجّل الله لهم البشرى في الحياة الدنيا، فيحيُون حياةً طيبةً رغم وجود الألم والمشقات لأنهم يعلمون ما يؤولون إليه من النعيم لما بشّرهم الله تعالى الذي لا يخلف الميعاد:

قال الله تعالى: ((وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ)) [النور: 26]، و: ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ)) [فاطر: 10]، فالعمل الصالح له الحياة الطيبة وهي تعجيل البشرى في الحياة الدنيا كما قال تعالى: ((لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا)) [يونس: 64] فيحيى في باقي عمره حياة طيبة لما حصل له من العلم بما سبق له من سعادته في علم الله مما يؤول إليه في أبده، فتهوّن عليه هذه البشرى ما يلقاه من المشقات والعوارض المؤلمة؛ فإن وعد الله حق وكلامه صدق وقد خوطب بالقول الذي لا يُبدّل لديه. وكذلك أيضاً للعمل الصالح التبديل فيبدّل الله سيّآته حسنات حتى يودّ لو أنّه أتى جميع الكبائر الواقعة في العالم من العالم كله على شهود منه عين التبديل في ذلك. ولقد لقيت من هو بهذه الحال بمكة من أهل توزر من أرض الحرير، ولقيت أيضاً بإشبيلية أبا العباس العريبي شيخنا من أهل العلياء بغرب الأندلس ما لقيت في عمري إلا هذين من أهل هذا الذوق.[203]