|
|
![]() |
|
رؤيته الهوية الإلهية (سورية، الأربعاء 4 ربيع الآخرة 627/1230)
في الفصل السابع والعشرين من الباب الثامن والتسعين ومائة، وفي أثناء حديثه عن مراتب الطبيعة الأربعة: النار والهواء والتراب والماء، ذكر الشيخ محي الدين أنه في ليلة تقييده لهذا الفصل، وهي الليلة الرابعة من شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وستمائة الموافقة ليلة الأربعاء الذي هو الموفى عشرين من شباط، رأى في الواقعة "ظاهر الهوية الإلهية وباطنها" شهوداً محققاً. ويقول واصفاً:
رأيت في الواقعة ظاهر الهوية الإلهية وباطنها شهوداً محققاً ما رأيتها قبل ذلك في مشهدٍ من مشاهدنا، فحصل لي من مشاهدة ذلك من العلم اللذة والابتهاج ما لا يعرفه إلا من ذاقه فما كان أحسنها من الواقعة "ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة".
ويصف الشيخ محي الدين ما رآه فيقول إن الشكل الذي رآه هو:" width="100%">
نور أبيض في بساط أحمر له نور أيضاً، في طبقات أربع صورة، وأيضاً روحها في ذلك البساط في الطرف الآخر في طبقات أربع؛ فمجموع الهوية ثمانية في طرفين مختلفين من بساط واحد. فأطراف البساط ما هي البساط ولا غير البساط، فما رأيت ولا علمت ولا تخيّلت ولا خطر على قلبي صورة ما رأيت في هذه الهوية. ثم إنها لها حركة خفيّة في ذاتها أراها وأعلمها من غير نقله ولا تغيّر حال ولا صفة.[854]
في الحقيقة إن رؤية الشيخ محي الدين للعالم والخلق وعلاقته بالخالق سبحانه تُعتبر رؤية فريدة من نوعها وهي في الحقيقة نظرية فلسفية متكاملة لم تُدرس من قبل، ربما بسبب تعقيدها وعمقها وقد يكون هذا هو السبب الذي أدّى إلى أن ينتقده بعض الشيوخ والعلماء الذين لم يستطيعوا الخوض في أعماق علومه. فيعتبر الشيخ محي الدين رضي الله عنه أن كل شيء في العالم يستند إلى صفة إلهية معينة،[855]ويعتبر أيضاً أن الصفات الإلهية، وهي الأسماء الحسنى، غير متناهية،[856]وأما التسعة والتسعين اسماً المشار إليها في الحديث،[857]إنما هي الأسماء الرئيسية. ومع ذلك فإن جميع حضرات الأسماء الإلهية الذاتية تعود في النهاية إلى أربعة حضرات هي الأمهات وهي حضرة الحياة، وحضرة العلم، وحضرة القدرة، وحضرة الإرادة،[858]ومن هنا فإن العالم مبنيّ على أساسٍ من التربيع يتجلى في شتى المستويات؛ فعلى مستوى أنواع العلوم هناك العلم المنطقيّ والعلم الرياضيّ والعلم الطبيعيّ والعلم الإلهيّ، وفي الإنسان هناك الروح والعقل والنفس والجسم، وفي الطبيعة هناك الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة.[859]وقد وضّح الشيخ محي الدين هذه الرؤية، التي تعتبر حجر الأساس في رؤيته للعالم، في مواضع كثيرة من كتاب الفتوحات المكية وغيره من كتبه الكثيرة، ووضحها كذلك بشكل رسم تخطيطي في الباب السابع والأربعين،[860]كما هي موضّحة أدناه:
image018.png
image019.png
|
|
![]() |
|

