شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.2.1 - إشبيلية، عاصمة الأندلس

وإشبيلية هي إحدى أعظم مدن الأندلس؛ كان أول من بناها هو الإمبراطور يوليوس قيصر، فيها نهر الوادي الكبير وهو نهر عظيم يمرّ خلالها. وهي مدينة معتدلة الهواء، حسناء الماء، وأهلها يعملون في التجارة. سكنت فيها أعداد كبيرة من النصارى في تسامح مع المسلمين، وتناكح المسلمون والنصارى، وأسلمت جموع من النصارى وصار أولادهم هم عامة سكان إشبيلية لاحقاً.

وفي عهد عبد الرحمن الداخل، في منتصف القرن الهجري الثاني، استحالت إشبيلية إلى إحدى مراكز الحضارة، و استَلَمها الأمويُّون من بعده فحافظوا على التراث الحضاري، بل زادوا فيه من المباني وأوجُهِ الحضارة المختلفة. كانت إشبيلية أعظم حواضر الأندلس، وأمنعها حصوناً، وأكثرها سكاناً، وأصبحت مركزاً لحكومة الموحدين بعد أن ضعفت قرطبة العاصمة الأموية وبعد أن مرّت مرحلة التشتت وانتهى عصر أمراء الطوائف. وتوالت عليها حكومات متعددة؛ فتارةً كانت تحت طاعة الموحدين، وتارةً أخرى تخلع طاعتهم، إلى أن ألقت بمقاليدها عن رضىً واختيارٍ إلى الدولة الحفصية، وكانت دولة قوية فتيّة قامت في تونس، وامتدت إلى المغرب الأوسط، وقلصت نفوذ دولة الموحدين، وبدأت تحل محلهم.

منطقة جنوب الأندلس: الرحلة من مرسية إلى إشبيلية

ففي تلك المدينة المنبسلة تلقّى محمد تعليمه على أيدي مشاهير العلماء والأدباء في ذلك الوقت، وفيها أيضاً قضى سنيّ شبابه. وفي إشبيلية بدأت شهرته تملأ الآفاق حيث كان يطلب جميع العلماء المعروفين ويدخل معهم في نقاشات واسعة معلّما أو متعلّما. وكثيرا ما كان مشاهير العلماء والفلاسفة يقصدونه ويطلبونه للتعلّم منه والتعرّف عليه كما حصل في لقائه الشهير مع الفيلسوف الشيخ ابن رشد، كما سنرى بعد قليل.

منطقة جنوب الأندلس: الرحلة من مرسية إلى إشبيلية

ففي تلك المدينة المنبسلة تلقّى محمد تعليمه على أيدي مشاهير العلماء والأدباء في ذلك الوقت، وفيها أيضاً قضى سنيّ شبابه. وفي إشبيلية بدأت شهرته تملأ الآفاق حيث كان يطلب جميع العلماء المعروفين ويدخل معهم في نقاشات واسعة معلّما أو متعلّما. وكثيرا ما كان مشاهير العلماء والفلاسفة يقصدونه ويطلبونه للتعلّم منه والتعرّف عليه كما حصل في لقائه الشهير مع الفيلسوف الشيخ ابن رشد، كما سنرى بعد قليل.

وكما رأينا في الفصل السابق فقد كان السلطان أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن (558/1163-580/1184) عالما فقيها يحبُّ الفلسفة وعلوم الدين ويُجلُّ العلماء ويقدّرهم حيث وفّر لهم الجوّ المناسب وكان يجالسهم ويحضر نقاشاتهم مثل ابن طفيل وابن رشد وابن زهر وغيرهم، واستمر هذا الوضع في فترة حكم ابنه المنصور يعقوب بن يوسف (580/1184-595/1199). وعلى الرغم من اجتناب الشيخ ابن العربي للسلطان وحاشيته، ولكن لا شك أن السلطان كان يحبّه ويجلّه وقد عرض عليه منصبا وأن يزوّج أختيه لبعض الأمراء الموحدين كما سنرى في الفصل الثالث، وكذلك كان محمد الناصر بن يعقوب المنصور (595/1199-611/1215) يتفاخر به وبشهرته بعد أن رحل إلى مكة لكونه نشأ في الأندلس، كما سنرى لاحقا في الفصل الخامس.