شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.1.2 - مرسية، مسقط رأسه

لقد بدأت إذاً رحلة ابن العربي من المشرق، وانتهى شوطها الأول، بالاسم الباطن، في مُرسية، على ضفاف نهر شقورة، في جنوب شرقي الأندلس. هناك رأى محمد الضوء، وهناك أشرقت عليه أول شمس، وتنشّق أول نسيم. على الرغم من أنه لم يعِش فيها سوى بضع سنوات من عمر طفولته، إلا أنّ مرسية لا شكّ كانت دائما تعيش في ذاكرته، حتى إن شمسيهما غابتا معاً، حين استولى عليها الإسبان سنة 636/1239، قبل وفاته بقليل، وكانت يومئذ في يد أميرها أحمد بن محمود بن هود.

يقول ياقوت الحموي في "معجم البلدان" أن مُرْسِية هي مدينة جميلة تقع في شرقي الأندلس من أعمال تُدمير اختطها عبد الرحمن بن الحكم وسمّاها تُدمير أسوة بتدْمُر الشام فاستمرَّ الناس على اسم موضعها الأول، وهي ذات أشجار وحدائق محدقة بها، وبها كان منزل ابن مردنيش، وانعمرت في زمانه حتى صارت قاعدة الأندلس، وإليها يُنسب أبو غالب تمام بن غالب اللغوي المُرسي الذي صنف كتاباً كبيراً في اللغة هو كتاب "الموعب"، وغيره الكثير من أهل العلم والأدب.[70]وكذلك من العلماء الذي أنتجتهم مرسية: شرف الدين أبو عبد الله محمد السلمي المحدث النحوي، وأبو العباس أحمد بن رشيق الأديب الكاتب، وأبو عامر أحمد بن عبد الملك المعروف بابن شهيد الأشجعي الشاعر الأديب (توفي 426/1035)، وأبو محمد عبد الله بن محمد الخشني الفقيه الحافظ (توفي 526/1132)، وأبو الحسن علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده الأندلسي المرسي اللغوي صاحب كتاب "المخصص"، وكتاب "المحكم في اللغة" وكتاب في شرح الحماسة، وأبو العباس أحمد المرسي، من أكابر الأولياء المتوفى بالإسكندرية سنة 686/1287، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي الإمام الحافظ، والكاتب الشاعر المؤرخ ابن الأبّار، وغيرهم الكثير.

ويقول الحميري في الروض المعطار:

ومرسية على نهر كبير يسقي جميعها كنيل مصر، ولها جامع جليل وحمامات وأسواق عامرة، وهي راخية أكثر الدهر رخيصة الفواكه كثيرة الشجر والأعناب وأصناف الثمر، وبها معادن فضة غزيرة متصلة المادة، وكانت تُصنع بها البُسط الرفيعة الشريفة، ولأهلها حذق بصنعتها وتجويدها لا يبلغه غيرهم... ومرسية في مستو من الأرض على النهر الأبيض، ولها ربض عامرٌ آهلٌ، وعليها وعلى ربضها أسوارٌ وحظائر متقنة، والماء يشق ربضها، وهي على ضفة النهر، ويجاز إليها على قنطرة مصنوعة من المراكب تنتقل من موضع إلى موضع، وبها شجر التين كثير، وبها حصون وقلاع وقواعد وأقاليم معدومة المثال، ومنها إلى بلنسية خمس مراحل، ومنها إلى قرطبة عشر مراحل.[71]